خلق الله الإنسان في أحسن تقويم، وشقّ له سمعه وبصره، وزوده بمعجزة العقل وآتاهوسائل التعلم والاكتساب قال تعالى:
قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ (23) الملك.
ومن مهمات اللسان الكثيرة التعبير عن حاجات النفس وإيصالالمعلومات الى الغير عن طريق النطق والكلام. قال تعالى:
الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَالْقُرْآنَ (2) خَلَقَالْإِنسَانَ (3) عَلَّمَهُالْبَيَانَ (4) الرحمن[/size][size=16]وأمر الله تعالى المسلم بمراعاة أقواله كما يراعي أعماله،ولهذا قيل " من عدّ كلامه من عمله قلّ كلامه".
وأمره أن يقول الحق الذييرضيه، وأن يراقبه عند كل كلمة تخرج من فيه، وقد ورد في الحديث الصحيح قوله:
إن الرجل يتكلم بالكلمة من سخط الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت فيهوي بها في النار سبعين خريفا. وإن الرجل يتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ما يظنّ أن تبلغ ما بلغت فيرفع بها في عليّينرواه الترمذي.
هذه قيمة الكلام في الاسلام، حتىلقد صار المسلم يتورع في النطق كما يتورع في المأكل والمشرب، فيجتنب اللغو وما لاطائل وراءه كما يجتنب المحرمات والشبهات.
قال أحدهم:
وتجنّب الفحشاء لا تنطقبها ما دمت في جدّ الكلام وهزلهواحبس لسانك عن رديء مقالة وتوقّ من عثر اللسانوزلهوبين أيدينا باقة من آداب الكلام نبسطها كما يلي:
1 »» اختيار أجمل الكلام، وأحسن الألفاظ، أثناء مخاطبةالناس، كما يختار أطايب الطعام، والرد على ما يسمعه منهم بلباقة وتهذيب.
قالتعالى: وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ (24) الحج.
وعن عديّ بن حاتمأن رسول اللهقال:" اتقوا النار ولو بشقّ تمرة، فمن لم يجد فبكلمة طيبة" متفقعليه.
2 »» التمهّل في الكلام وبيانه حتىيفهم المستمع المراد من الحديث ويعقل مقصوده ومغزاه.
وعنها أيضا قالت: كان كلام رسول اللهكلاما فصلا يفهمه كل من سمعه. رواه أبو داود.
3 »» مخاطبة المستمع على قدر فهمه، وبما يناسب ثقافتهومستواه العلمي، وإلا ساء ظنّه،
4 »» تجنّب الخوض في أحاديث لا يعلمها، أو غير متأكد منصحتها، أو لا يعلم عنها إلا الظنّ فإن الظنّ أكذب الحديث.
5 »» لزوم قلة الكلام إلا إذا كان جوابا، أو نصيحة، أوأمرا بالمعروف، أو نهيا عن المنكر، أو دعوة الى الله.
قال تعالى: لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً (114) النساء.
وعن ابن عمرما قال: قال رسول الله: لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله تعالى فإنّ كثرة الكلام بغير ذكر الله تعالى قسوة للقلب وإنّ أبعد الناس من الله تعالى القلب القاسيالترمذي.
6 »» تجنب الثرثرة واللغو والجدال والكلام الذي لا طائل منه.
قال تعالى: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) المؤمنون.
7 »» تعقل الكلامقبل النطق به، والتفكر في عواقبه، وتجنب إلقاء الكلام دون رويةوإستيعاب.
قال تعالى: مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18) ق.
وعن أنسقال: كان رسول اللهيتكلم بكلام فصل لا هزر ولا نزر، ويكره الثرثرة في الكلام والتشدّق فيه. متفق عليه.
8 »» الصمت لمن هو أعلىمقاما، وأرفع قدرا، وأغزر علما، وأكبر سنا، وأعظم فضلا، والإصغاء لكلامه، والإقبالعليه بالسمع والبصر.
9 »» تجنب الكلامحتى ينتهي المتكلم في المجلس، لأن مجلس العقلاء لا يتكلم فيه إثنان معا.
10 »» تجنب مقاطعة أحد، أو تصحيح كلامه، أو تجريحه،أو تخطيه، أو السخرية من كلامه.
قال تعالى: وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناًالبقرة 83.
وقال تعالى: وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُالعنكبوت 46.
11 »» خفض الصوتوعدم رفعه أكثر من الحاجة، وتجنب الصخب والضجيج، والصراخ والانفعال.
قالتعالى: وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (19) لقمان.
12 »» التزام الهدوءوالابتسام أثناء الكلام، وعدم التجهم والعبوس في وجوه الناس.
عن أبي الدرداءقال: كان رسول اللهلا يحدّث حديثا إلا تبسّم. رواه أحمد.
13 »» تجنّب الخبيث من الكلام، والهجين من الألفاظ، لأن المؤمن لا يكونفاحشا ولا بذيئا.
عن أبي موسىقال: قلت يا رسول الله أي المسلمين أفضل؟ قال: من سلم المسلمون من لسانه ويده. متفق عليه.
14 »» تجنب الحلفوالإكثار من القسم أثناء الكلام، وعدم الحلف إلا لضرورة.
.
ميدو