حتي لا تتكرر حوادث التسمم

هناك نوعان من التغذية المدرسية‏,‏ نوع حكومي لا يصمد إلا‏40‏ يوما فقط في العام الدراسي وغالبا في نصف السنة الثاني بسبب الميزانية المحدودة والروتين الذي يجعل المناقصات تستغرق كل هذا الوقت‏,‏ والنوع الآخر نوع دولي تابع للأمم المتحدة ويصمد طوال العام لكن في المحافظات الأشد فقرا فقط‏.‏ وسواء هذا النوع أم ذاك يصاحبهما كثير من التساؤلات عن النوعية والاستغلال والتجارة والفساد‏..‏ أما الأهم من ذلك كله فهو الرقابة حتي لا تتكرر شكاوي التلاميذ من حالات التسمم‏.‏

تقول والدة أحد تلاميذ مدرسة ابتدائية بمنطقة السلام الوجبة التي توزع علي الأطفال بهذه المدرسة بدأت مع الترم الثاني ولكنها لا تقدم يوميا وتتمثل في لبن بالموز أو الشيكولاتة وبسكويت ولم نصدق في البداية أن يوزع هذا النوع من الألبان علي الأطفال خاصة أنه غالي الثمن ولكن في الحقيقة هذه الوجبات والتي تعد بالنسبة للأطفال نوعا من الحلوي بتفرق معاهم خاصة أن منطقة السلام شعبية جدا وفقيرة والكثير من الأهالي لا يعطون أولادهم سندوتشات أو طعام وهم ذاهبون للمدرسة‏.‏

وتطالب والدة أحد التلاميذ بمدرسة ابتدائية بالعتبة باستمرار التغذية طوال العام فهي لا توزع إلا عدة مرات في النصف الثاني من العام الدراسي وليس بشكل منتظم‏,‏ ولابد من التأكد من سلامتها حتي لا يتعرض التلاميذ للمشاكل‏.‏

في البداية يوضح مصدر مسئول بوزارة التربية والتعليم أن التغذية المدرسية لها أكثر من دور يعود علي الطالب والعملية التعليمية‏.‏ فهذه الوجبات الخفيفة تقدم عادة لتلاميذ المراحل الأساسية من التعليم وهي الفئة العمرية التي تحتاج إلي بناء جيد للجسم فهي فترة نمو الطفل ولذلك تسعي الوزارة من خلال التغذية المدرسية إلي المساهمة في رفع كفاءة التلاميذ لتلقي العلم‏.‏

ومن ناحية أخري فهذه الوجبات تسهم في جذب الأطفال للمدرسة وتساعد في القضاء علي ظاهرة التسرب من التعليم فبعض التلاميذ يعانون الفقر ويأتون خصيصا للحصول علي هذه الوجبات‏.‏

ويضيف أن وزارة التربية والتعليم قد اتبعت هذا العام سياسة جديدة للتغذية بالمدارس ففي ضوء تفعيل دور المشاركة المجتمعية قررت الوزارة أن تكون التغذية تابعة للمحافظات بحيث تجري المناقصات الخاصة بها تحت اشراف المحافظات وتمت الموافقة علي هذا القرار من قبل رئيس مجلس الوزراء‏.‏

إشراف ومتابعة
أما دور الوزارة فيقتصر علي الإشراف والمتابعة والتعاون مع الوزارات المعنية فيما يتعلق بمساعدة المحافظات علي اختيار الشركات والمصانع التي تتوافر بها الشروط الخاصة بدخول هذه المناقصات وفي ضوء هذا القرار وزعت الوزارة المبالغ المخصصة للتغذية علي المحافظات والتي تختار نوع التغذية المقدمة للأطفال فبعضها يقدم الألبان والبسكويت والفواكه‏.‏ وتجري الوزارة ثلاث خطوات هامة قبل الموافقة للشركات والمصانع علي التوريد للتغذية المدرسية‏,‏ فأولا لابد من الحصول علي الإفراج الخاص بهذه المنتجات من معامل التحاليل المركزية التابعة لوزارة الصحة‏,‏ وثانيا حصول هذه الجهات علي موافقة الرقابة والجودة بوزارة الصحة‏,‏ وثالث هذه الإجراءات هي الفرز العيني الذي يجري علي المنتجات قبل توزيعها علي أطفال المدارس للتأكد من سلامة العبوات ومن تاريخ الصلاحية عليها‏.‏

ومن وجهة نظره يري أن حالات التسمم أو الحالات المرضية التي تظهر بين تلاميذ المدارس غالبا ما تكون عائدة لأسباب أخري مثل معاناة الطفل نفسه من مرض ما أو لتناول هؤلاء الأطفال لوجبات ملوثة من الباعة الجائلين الذين يمارسون نشاطهم حول المدارس ويؤدي الإيحاء دوره بعد ذلك بين التلاميذ‏.‏

ويؤكد أن الوزارة تتخذ اجراءات صارمة جدا في حالة ظهور أي مشكلة صحية بين الأطفال وعلي سبيل المثال توقفت الوزارة عن توزيع عبوات ألبان الأطفال المنتجة بتاريخ‏21‏ فبراير‏2008‏ بعد أن أصيبت مجموعة من الأطفال بأحد مدارس الاسكندرية التي توزع بها هذه الألبان بحالات قيء وإسهال وتم ارسال عينات إلي المعامل المركزية للتأكد من أسباب هذه الحالات المرضية‏.‏

أما في حالة ثبوت مخالفة أي شركة أو ثبوت تسببها بإصابة التلاميذ فيتم تحويلها للنيابة وفي حالة إدانتها‏,‏ يتم استبعادها تماما من القائمة الخاصة بشركات التغذية المدرسية بالإضافة لتوقيع الشرط الجزائي المنصوص عليه في التعاقد المبرم بين المحافظة وهذه الشركة أو المصنع‏.‏

ولكن لماذا تسعي الشركات والمصانع للحصول علي صفقات توريد التغذية المدرسية؟ يجيب المصدر موضحا أن هذا المشروع يعد استثماريا من المقام الأول وله عائد مادي مضمون ومسدد لها خاصة أنها تورد كميات كبيرة‏,‏ ولذلك تقبل الشركات علي هذه المناقصات وقد يكون التنافس غير الشريف بينها هو السبب في تردد الشائعات حول التغذية المدرسية‏.‏

ومن ناحية أخري يذكر عبد السميع حمزة وكيل أول وزارة التربية والتعليم ومدير مدرسة التربية والتعليم بالقاهرة أن المبالغ المعتمدة للتغذية المدرسية داخل المحافظة هي‏15‏ مليون جنيه وتقدم هذه الوجبات لنصف مليون طالب فقط وليس لكل طلاب المحافظة‏,‏ وتقدم التغذية المدرسية بالمدارس الموجودة بمناطق شعبية وعشوائية أو فقيرة مثل باب الشعرية والمرج والسلام وحلوان ومنشية ناصر وغيرها من الأماكن‏.‏

وتتمثل الوجبة في عبوة بسكويت وعبوة لبن وغالبا ما توزع خلال النصف الثاني من العام الدراسي حيث تكون المحافظات قد انتهت من إجراء المناقصات وعادة ما تكفي ميزانية التغذية المدرسية لفترة تتراوح بين‏30‏ و‏40‏ يوما فقط‏.‏

الغذاء مقابل التعليم
ومن ناحية أخري يقوم برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة بدور كبير في تحسين مستوي الأمن الغذائي للأطفال بالمدارس وذلك من خلال عدة أنشطة تمارس بعدد من المحافظات وذلك بالتعاون مع الحكومة المصرية ووزارة التربية والتعليم‏.‏

وبدأ هذا البرنامج عمله في مصر منذ عام‏2006‏ ويستمر إلي عام‏2011‏ بهدف تحسين مستوي الأمن الغذائي وتعزيز رأس المال البشري وإدرار الدخل في أفقر المناطق بالبلاد لاسيما في مصر العليا وسيناء والبحر الأحمر ويركز البرنامج علي النساء والأطفال من خلال أنشطته المختلفة ويسهم في تحسين الأوضاع الغذائية للمستفيدين من مشاريعه خاصة أن دراسات البرنامج أشارت إلي أن مصر بلد منخفض الدخل ويعاني من نقص في الغذاء ويعيش‏19,6%‏ من السكان‏,‏ أي نحو‏14,2‏ مليون نسمة تحت خط الفقر‏,‏ علي أقل من دولار واحد في اليوم‏.‏

ويستفيد‏138‏ ألف تلميذ من تلاميذ المدارس بمصر من برنامج الغذاء مقابل التعليم التابع لبرنامج الأغذية العالمي في محافظات الفيوم وبني سويف‏,‏ والمنيا‏,‏ وأسيوط‏,‏ وسوهاج والقاهرة‏,‏ والاسكندرية‏,‏ وسيناء كما يوضح أيوب الجولدة نائب المدير القطري للبرنامج أن هذا البرنامج يتم بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم وبموجب اتفاقية بين البرنامج والوزارة‏,‏ حيث تهتم الوزارة بما يقرب من مليوني تلميذ توزع عليهم الوجبات الخفيفة‏.‏

ويهتم البرنامج بالتلاميذ الفقراء خاصة في صعيد مصر وجنوب سيناء‏,‏ وذلك بناء علي الدراسات التي تمت وخرائط الفقر بمصر وتتمثل الوجبات التي توزع في اللبن والبسكوت‏,‏ وهي وجبة خفيفة ذات طاقة غذائية عالية تعالج نقص المغذيات الدقيقة وتحارب الجوع قصير المدي‏,‏ وتشجع الأطفال علي اتباع عادات غذائية صحيحة‏.‏ وتوزع هذه الوجبات طوال العام الدراسي‏.‏

بالإضافة إلي تقديم البرنامج لنوع آخر من الأغذية بالمدارس الصديقة للفتيات حيث يتم جذب هؤلاء الذين لم يلتزموا بالمدرسة في مدارس نظام الفصل الواحد وبالتعاون مع المجلس القومي للأمومة والطفولة يقدم لهم حصة شهرية طوال العام الدراسي تتمثل في عشرة كيلو جرامات من الأرز وتتسلمها الفتيات بالمدرسة وتأخذها للمنزل‏.‏
بما يشجعهن وأسرتهن علي التواجد بالمدرسة‏.‏

وبعد مرور عام علي بدء برنامج الغذاء مقابل التعليم يقول أيوب الجولدة إنه حقق نتائج ملحوظة حيث شجع عددا كبيرا من التلاميذ علي الانتظام بالدراسة وتحسين مستوي التغذية لديهم وتم اجراء دراسة من قبل بعثة دولية للبرنامج وخرجت بمجموعة من التوصيات لتطوير وتحسين التغذية المدرسية خاصة التابعة لوزارة التربية والتعليم وتشير إلي أن برنامج الغذاء مقابل التعليم التابع لبرنامج الأغذية العالمي يعمل بالمحافظات التي تقدم بها الوزارة هذه الوجبات الغذائية بينما يتمثل البرنامج في أنشطة أخري داخل المحافظات التي تقدم بها الوجبات مثل القاهرة والاسكندرية حيث يكون اهتمام البرنامج بالتغذية الخاصة بأطفال الشوارع‏.‏

مشكور

يا باشا انت تامر اي خدمه