أصبح واضحا ان الإصلاح هو المشكلة. وليس طوابير الخبز أو أسعار حديد عز.
لقد غاب العمل السياسي عن الشارع. فلم يكن للحزب الحاكم وجود حقيقي. ولا لأي من الأحزاب الأخري.. حتي القوي الخفية التي انسحبت كعادتها. "تقية" وخوفا من العواقب أو حتي لا ينكشف حجم نفوذها بين الجماهير. ليس لها تأثير بالسلب أو الإيجاب!
وعليه. فإن الأحداث الأخيرة تستلزم نظرة أعمق وأصدق وتؤكد علي ضرورة إصلاح حقيقي. وليس تصريحات وأمنيات وأحيانا ثلاث ورقات.
وإذا كان الحل الأمني قد فرض نفسه. فهل يكون مجديا لو تكرر التذمر. والمتوقع أن يتكرر. قد يشتعل أكثر لو بقيت أحوال الناس علي ما هي عليه من معاناة لم تعد يصلح معها الوعود وحلو الكلام.
أما لغة الأرقام ومحاضرات الأساتذة الوزراء وأجزاء منتقاة من تقارير منظمات دولية. لم تعد تقنع أحدا. طالما الحياة تزداد صعوبة مع الأيام.
ولقد تقبلنا علي مضض أن يفعل الدكتور "عواد" بأرضنا وممتلكاتنا وشقاء عمرنا ما يشاء علي أمل أن ينصلح بعض حالنا. فداهمتنا المعاناة أكثر وعرفنا أن مثل هذا البيع سواء للأجانب أو لرجال الأعمال المصريين لم ينتج عنه سوي الاحتكار ورفع الأسعار وعدم السيطرة علي حركة الأسواق.
هذا. ومازالت الميزانية تحتاج إلي مزيد من البيع. كما يري وزيرنا لسد العجز.
فقر الملايين من المصريين يواجهه استفزاز العشرات من الأثرياء أصحاب الملايين. أو قل المليارات. والتوتر في الشارع المصري يواجهه استرخاء في القصور.. وسكان العشوائيات تسليتهم إعلانات التليفزيون بالغة الاغراء عن المنتجعات الفاخرة بطول شواطيء البحر وفوق قمم الجبال.
وعندما وقع اثنان من كبار المستثمرين المشهورين في بعضهما برغم انتمائهما للجماعة الحاكمة ظهر الخفي من قسوة الاستغلال إذ جاءني أرقام موثقة اذاعها أحدهما أن هناك من ترتفع نسبة عائدات مبيعاته بأكثر من سبعين في المائة والشعب هو الذي يدفع لأنها شقق وعقارات لا ينفي تقييم الأرباح بحسبة أخري أعلنها الطرف الثاني غاضبا لتهبط إلي أربعة عشر في المائة من هول ما يجري وما لا نعرف. وإنما دليلنا ما نحسه من قسوة حياتنا وانطلاق مشروعاتهم.
مجموعة أخري من الشركات يحقق العائد علي مبيعاتها أكثر من اثنين وأربعين في المائة ونحن أيضا الذين ندفع لأنها تليفونات.
لم يعد هناك حل سوي إصلاح حقيقي. وبسرعة.. ولست أعتقد بأنها مشكلة. فالجميع علي استعداد للمشاركة والتضحية لو أحسوا بصدق النوايا والجدية. وعرفوا ايه الحكاية وإلي أين ومتي. وعاد الهاربون وصاحب "عبارة" الألف غريق وتمت المواجهة والمكاشفة والحساب.
ليس هناك علي طريق السلامة سوي إصلاح جاد يشد الحزام علي "الأكراش" المترهلة!